فات الآوان



فات الآوان


                                  http://vie-quotidienne1.e-monsite.com/medias/album/nadjma37.jpg

       عادت من عملها تصطحب طفليها وقد كسا وجهها علامات التعب والأرهاق، أسرعت إلى مطبخها لتُعد الغداء، أمسك أبنها الكبير بيدها فألتفتت إليه، فبادرها يسألها :-
- "ماما" هو بابا هيتغدى معانا النهاردة؟
نظرت إلى عين طفلها الحائرة  وقد شعرت بأن سكينًا شق صدرها وألقى بقلبها ممزقًا خارجه، ونظرت إلى الأرض وأجابته بنبرة حزينة:
- لا يا حبيبي.
"ليته يعود"، قالتها بكل خلجة من خلجات جسدها ولكن لنفسها فقط .
أصبحت حياتها جافة ثقيلة بدون زوجها، تسأل نفسها كل يوم إلى متى ؟
نظرت في المرآة، ذبل جمالها كما ذبلت حياتها، فقد وجهها نضارته وأصبح شاحبًا حزينًا، فقدت عينيها بريقها ولمعانها.
صرخة دوت في أعماقها: "ماذا أفعل؟ أأحدثه مرة أخرى؟ ولكن هل يستجيب؟ "
تذكرت المرات العديدة التي حاولت فيها أستعطافه ليعود إلى بيته وهو رافض حتى لسماعها.
و لكنها قالت في نفسها سأحاول مرة أخرى، ورفعت سماعة الهاتف بيدٍ مرتعشة وقلبًا مرتجف.
- أزيك يا علي.
جاءها صوته ثائرًا غاضبًا
-          تانى، أنا كان ممكن ما أردش عليكِ، لكن عايز أقولك لأخر مرة أنا طلقتك وعايز أنساكِ.
حاولت أن تتجاهل كلماته الغاضبة، ونبرة صوته الحانقة عليها.
    - ممكن نرجع تاني عشان الأولاد، مش عايز تشوفهم؟
    - لأ، مش عايز أشوفك ولا أشوفهم.
ووضع السماعة ليُنهي أملها في أن تبقى بجواره.
شعرت إيمان بدوارشديد وكادت أن تسقط أرضًا،تحدث نفسها:
-          ماذا فعلت ليفعل بي كل هذا ؟ ما كل هذه القسوة!!
    كانت حياتنا هادئة مستقرة وكان علي زوجاً مثاليًا، ترك لي التصرف في كل شئون حياتنا، كان حمولًا لأقصى مدى، يتحملني أذا غضبت ويسامحني أذا أخطئت،
توقفت إيمان لبرهة تستدعي من ذاكرتها ما غفلت عنه سنين، وتذكرت ما قالت لها أمها ذات مرة
-    أنتِ تعاملين زوجك بجفاء، صوتك دائما الأعلى، لاتقبلين أن يناقش قرارتك، تعامليه بطريقة مُهينة أمام أهله، زوجك لن يتحملك إلى الأبد،
كنت أظنه راضً عما أفعل ، لو قال لى مرة ( لا ) كان الأمر تغير، أذن أخطئت بأفعالي و أخطأ هو بصمته. أنتفضت إيمان في مكانها وقد عقدت العزم على أمر، سأذهب إليه وأتوسل أن يسامحني وأن نبدأ من جديد.
وفي الصباح كانت إيمان في مكتب طليقها
-          على ، لازم نحاول نبدأ من جديد علشان أولادنا، أنا عرفت أني غلطت وهغير من نفسي .
نظر إليها بوجه حانق ثم أدار لها ظهره، وحدثها بلهجة حادة
-          أنا فعلًا هبدأ من جديد، بس مع غيرك، حياتنا مع بعض مستحيلة، لما بشوفك بفتكر ضعفي.
و هنا دخلت امرأة المكتب
- خلصت يا علي
- خلاص يا حبيبتي ، وأمسك بيدها وخرجا من الباب دون نظرة منه وراءه
و بقيت إيمان وحيدة.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أم أحمد

من روائع صلاح جاهين