نصيب



نصيب


وقفت ندى أمام المرآة تضبط هندامها وتتأمل ملامح وجهها، وقد بدا الفخر بجمالها الأخاذ يحملها على التبسم لنفسها في مرآتها،  الجميع، شبابًا وشيبًا، أطروا على جمالها، و حتى النساء، و ان كان الأمر لا يخلو من بعض الغيرة من جانبهن، الجميع يحاول كسب ودها و التقرب منها،
سمعت صوت أمها تناديها
- ندى كفى وقوفًا أمام المرآة فأمامنا مهام كثيرة .
أضطربت ندى و أسرعت إلى أمها، وبادرتها بصوتًا خفيض
- ليس لدينا إلا مشوار واحد يا أمي
رمقتها أمها بنظرة تأنيب،
- وهل هو مشوار سهل ؟ ثم استطردت، إنها شقة العمر.
أعتدلت ندى فى وقفتها، وقالت بلهجة توحي بالجدية .
-       أنا مستعدة .
تبسمت أمها في حنو وهي تربت على كتف أبنتها.
- أريدك أن تفكرى جيدًا، إن لم تعجبك الشقة لا تترددي، و أخبري طارق بذلك.
كان طارق في أنتظارهما في سيارته التي أقلتهم إلى الشقة  .
قالت الأم و هي تتفحص الشقة بعينًا ثاقبة :
-          الشقة واسعة، لكنها تطل على مناور و لا تدخلها الشمس.
بادرها طارق محاولًا أقناعها :
-     أنها في برج فخم وكل ما حولها أبراج و من الصعب أن نجد شقة بهذه المواصفات , كما أن أغلب الشقق الآن لا تدخلها الشمس .
قالت الأم في ضيق ناظرة إلى أبنتها بنظرة تحثها على الرفض:-
- ما رأيك يا ندى ؟
أجابت ندى أمها بحذر حتى لا تثير أي ردة فعل لدى أمها :
- الشقة جميلة يا أمي لا يهم دخول نور الشمس إليها.
نظرت الأم بحنق لأبنتها، ثم أنصرف الجميع.
لم تكن موافقة ندى على الشقة نابعة من حب جارف لطارق، ولكن الشقة أعجبتها بالفعل، فطارق بالنسبة لها ما هو الا عريس ذو مواصفات جيدة .
لم تَسلم ندى من لوم أمها وتقريعها لها طول الطريق وحتى وصلا إلى البيت.
-    لماذا وافقتِ على الشقة بهذه السرعة؟! فتاة جميلة مثلك من حقها أن تطلب وتُلبى طلباتها،  أن من يرى أفعالك يظن أنكِ مغرمة بطارق ولا يعلم الحقيقة.
ألقت الأم بهذه الكلمات في وجه ندى و خرجت .
-  لكِ حق يا أمى لا أحد يعلم بالحقيقة .
  ثم نظرت في وله وشوق إلى صورة معلقة على الحائط فلمعت عيناها وأبتسمت .
-    أعلم أنني لم أحب أحدًا سواك، و لكنه حبًا من ناحيتي فقط، ماذا أفعل؟ حاولت أن أظهر لك حبي بلا فائدة، قابلت أهتمامي بالتجاهل .
ثم أطلقت زفرة شوق كادت أن تحرق فؤادها.
أنتبهت ندى من شرودها على صوت أمها .
- عمك وأبن عمك كانا هنا اليوم.
شعرت ندى بقلبها يخفق بشدة وتسارعت دقاته .
- محمد كان هنا؟! لماذا ؟
رمقتها أمها بنظرة ذات مغزى
- جاءا لخطبتك .
- خطبتي أنا؟ لمن ؟
- لمحمد أبن عمك.
كادت المفاجأة أن تعصف بها، وكاد قلبها أن يتوقف، ثم نظرت إلى صورته المعلقة على الحائط .
- أنت تريد خطبتي؟! !
دخل الأب حزينًا وهو يحدث زوجته
-     حاولت أن أوضح له أن الأمر لا يتعدى كونه مجرد أتفاق و لم نقم بأي أجراء رسمي ولكنه ظل غاضبًا لأني لم أخبره بالأمر وهو عمها .
بادرته زوجته وهي متعجبة
- لماذا لم يلمح لنا هو أو أبنه ؟ ماذا نفعل ؟ أنه النصيب.
كانت ندى شاردة لا تتكلم حتى سألها أبوها
-          ماذا فعلتم اليوم في الشقة ؟ وما رأيك فيها يا ندى؟
نظرت ندى إلى صورة محمد و أبتسمت لها ثم نظرت إلى أبيها نظرة جادة
-           الشقة تطل على مناور ولا تدخلها الشمس، الشقة لم تعجبني.
* . * . * . *

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أم أحمد

فات الآوان

من روائع صلاح جاهين