جوع



جوع

http://www.tabibnafsany.com/images/sexual_abuse_3.jpg


في ليل القاهرة الجميلة، الصاخبة، سارت مروة مع زوجها وطفلها الجميل بين يديهما، يرفعانه من الأرض ليتأرجح ثم ينزلنه وهو يضحك ضحكة مليئة بالفرح والبراءة.
الشارع يعُج بالناس، ولا يكاد يخلومنهم ساعة بليل أو نهار،
كانت رائحة الطعام تفوح في كل مكان، فتثير الرائحة البطون الجائعة، فيهرع الجائعون إلى المحال المنتشرة على الجانبين،  يبكي الطفل ويشيرإلى محل طعام أمامه، تنبعث منه الروائح الشهية، مر الأب بيده على رأس ابنه مبتسمًا، ثم اخذه  ليشترى بعض من شطائر البرجر والسجق الشهية .
شيعتهما مروة بنظرة حانية،وظلت عيناها معلقة بهما، إلى أن وقف أمامها طفلًا رث الثياب، شاحب الوجه،نحيل الجسد،مد الطفل يده ونظر إليها وقد بدا الأنكسار جليًا في قسمات وجهه، خرج صوته ضعيفًا ذليلًا وهو يستجديها أن تعطيه قليلًا من المال ليشتري طعامًا يسد به رمقه،
 نظرت مروة للطفل في حنق و ضيق .
-          أنت كاذب و أذا لم تذهب سأأخذك إلى الشرطة .
خاف الطفل وكاد قلبه أن يتوقف رعبًا وهويتخيل نفسه واقعًا بين يدي شرطي يلقنه درسًا قاسيًا حتى لا يعود للتسول، و أخذ يجري من أمامها فارًا منها، يتلفت يمنًة ويسارًا .
شعرت مروة بالأنتصار فهي أبداً لن تكون ضحية لهؤلاء المتسولين
عاد زوجها وفي يده كيساً به الشطائر و في اليد الأخرى طفلهما .
أخذ الطفل يشد الكيس من أبيه وقد بدا على وجهه تلهفه للطعام،
-          أعطني شطيرة سجق فأنا جائع جدًا
نظرت مروة لطفلها وهو فرح بشطيرته نظرة حنان، ثم فجأة رأت في وجه أبنها الجميل وجه هذا المتسول الصغير بشحوب وجه وجسده النحيل، أقشعر بدنها وشعرت بالخزي والخجل من نفسها و من قسوة قلبها على هذا الطفل البائس .
نظرت حولها لعلها تجده، فأذا به يقف على مقربة منها ينظر إلى الشطيرة في يد أبنها بحسرة الجائع ، أتجهت إليه لتعطيه ما يسد جوعه و لكنه أخذ يجري من أمامها ونظرة رعب في عينيه.
* . * . * . *


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أم أحمد

فات الآوان

من روائع صلاح جاهين